اللطيمة العير العير أدركوا أدركوا وما أريكم تدركون فإنَّ محمّداً صلَّى الله عليه وآله وسلم والصّباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرّضون لعيركم التي فيها خزائنكم.
فتصايح الناس بمكّة وتهيّؤا للخروج وقام سهل بن عمرو وصفوان بن أميّة وأبو البختري بن هشام ومنبّه (١) ونبيه ابنا الحجّاج ونوفل بن خويلد فقالوا يا معشر قريش والله ما أصابكم مصيبة أعظم من هذه أن يطمع محمّد والصّباة من أهل يثرب أن يتعرّضوا لعيركم التي فيها خزائنكم فو الله ما قرشّي ولا قرشيّة إلَّا ولهما في هذه العير نَشّ (٢) فصاعداً وانّه للذّلّ والصغار أن يطمع محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم في أموالكم ويفرِّق بينكم وبين متجركم فاخرجوا.
وأخرج صفوان بن أميّة خمسمائة دينار وجهّز بها وأخرج سهيل بن عمرو وما بقي أحد من عظماءِ قريش إلّا أخرجوا مالاً وحمّلوا وقوّوا وخرجوا عَلى الصعب (٣) والذّلول لا يملكون أنفسهم كما قال الله تعالى خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ وخرج معهم العباس بن عبد المطلب ونوفل بن الحرث وعقيل بن أبي طالب وأخرجوا معهم القِيان (٤) يشربون الخمر ويضربون بالدّفوف.
وخرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً فلما كان بقرب بدر على ليلة منها بعث بشير بن أبي الرّغباء ومحمّد بن عمرو يتجسّسان خبر العير فأتيا ماء بدر فأناخا راحلتيهما واستعذبا من الماءِ وسمعا جاريتين قد تشبّثت إحداهما بالأخرى وتطالبها بدرهم كان لها عليها فقالت عير قريش نزلت أمس في موضع كذا وهي تنزل غداً هاهنا واعمل لهم وأقضيكِ فرجعا فأخبراه بما سمعا فأقبل أبو سفيان بالعير فلما شارف بدراً تقدّم العير وأقبل وحده حتّى انتهى إلى ماءِ بدر وكان بها رجل من جهينة يقال له كِسب الجهني فقال له يا كِسب هل لك علم بمحمّد صلّى الله عليه
__________________
(١) منبّه كمعظّم ونبيه كعظيم لفظاً ومعنىً.
(٢) النّش عشرون درهماً.
(٣) الجمل المتروك الّذي لا يترك.
(٤) والقينة الأمة مغنّية كانت أو غير مغنّية وقيل الأمة البيضاء والجمع قيان.