بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ)(١٠٠).
ألم يهد لهم آيات الله آفاقية وأنفسية (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها) الهالكين ، أو لم يهد لهم ذلك القصص الحق من مضاجع الغابرين المعروضة لهم في صحائف التاريخ الجغرافي.
(أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) إصابة شاملة ، ولكن الدار هي دار العمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل ، وإنما نصيبهم بالبعض من ذنوبهم الفاحشة التي لا يتحملها المكلفون ، فقد (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٣٠ : ٤١).
أو لم يهد لهم أولاء الوارثين الأرض ، بأية وراثة جزئية أم شاملة ، سياسية أم اقتصادية أم روحية أمّاهيه (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) إصابة كاملة كما أصبنا الغابرين.
وترى (مِنْ بَعْدِ أَهْلِها) تعني بعد انقراضهم عن بكرتهم؟ ولا سابقة لذلك ولا لاحقة! فالأرض لا تعني كل المعمورة ، بل هي أرض الحكم سياسيا وما أشبه ، و (مِنْ بَعْدِ أَهْلِها) قد يقصد إلى أهلها الميتين ، أهلها الآهلين المغتصبين ، وهذا هو الأكثرية المطلقة من وراثة الأرض.
مثلا على ذلك اغتصاب حق الإمام علي (عليه السّلام) المنصوص على خلافته في مآت من الأحاديث ، ولئن يشك في غصب خلافته هذه ، فغصب فدك دليل باهر لا مرد له على غضب الخلافة فأين فدك المال من خلافة الأمة!.
وهل كانت المطالبة بفدك ، غير المطالبة بالخلافة للإمام علي ، وهل إن اقتطاع فدك من يد فاطمة هو غير قطع المدد عن المطالبين بالخلافة ، وإثبات الأولوية في غصب الخلافة من غصب فدك؟!.
ولقد كانت تعلم فاطمة تمام العلم أن المطالبة بفدك لن تعيد إليها الأرض ، ولم تكن لتطلب أرضا فيها نخيل ، إنها كانت تطلب بإرث آخر فيه عزة النفس ـ فيه أصالة الحق ـ فيه عنفوان الرسالة ـ فيه امتداد أبيها