وفي صيغة الأخوة عنايات عدة بين نسب وحسب ، فأقرب النسب هو الأخوة النسبية ، وتليها الأخوة الرضاعية ، كما وأقرب الحسب هو الأخوة الإيمانية ، وبينهما مراحل أوسعها الأخوة في الإنسانية ، ثم في التكليف ، ومن ثم في الوطن والعشيرة والعشرة والشغل.
فكل رباط بين أشخاص يعبر عنه بالأخوة ، أغربها الأخوة في أصل الإنسانية وأقربها الأخوة في صالح الإيمان ، ومنها متوسطات.
ثم القوم هم جماعة مرتبطة هي أوسع من خاصة الأخوة ، فلا يعبر عن الأخوة في النسب بالقوم ، وإنما على العشيرة والمواطنين أنسباء وغيرهم في متعود التعبير ، وعلى الذين تعنيهم رسالة الله في شرعة التعبير ، فالإخوة ـ إذا ـ هي أعم من القوم ، ولا يعبر بها عن القوم الرسالي إلا إذا كانوا محصورين في قطر خاص كقوم نوح : (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ) (٢٦ : ١٠٦).
وعلى أية حال فلا تعني الأخوة هنا أخوة في إيمان ، مهما كان في شركة التكليف أم سواها من مشتركات (١) والقصد هنا إلى أقربها قرابة ومواطنة أماهيه ، دون أغربها.
وقد يروى عن الإمام الصادق (عليه السّلام) أنه لما حضر نوحا الوفاة دعى الشيعة فقال لهم : اعلموا أنه سيكون بعدي غيبة يظهر فيها الطواغيت ، وأن الله عزّ وجلّ سيفرج عنكم بالقائم من ولدي اسمه «هود» له سمت وسكينة ووقار ، يشبهني في خلقي وخلقي(٢).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٤٥ عن تفسير العياشي عن يحيى الهمداني عن أبيه جاء رجل من أهل الشام إلى علي بن الحسين (عليه السّلام) فقال : أنت علي بن الحسين؟ قال : نعم ، قال : أبوك الذي قتل المؤمنين؟ فبكى علي بن الحسين ثم مسح عينيه فقال : ويلك كيف قطعت على أبي انه قتل المؤمنين؟ قال : قوله إخواننا قد بغوا علينا فقاتلناهم على بغيهم فقال : ويلك أما تقرء القرآن؟ قال : بلى قال فقد قال الله : وإلى مدين أخاهم شعيبا وإلى ثمود أخاهم صالحا فكانوا إخوانهم في دينهم أو في عشرتهم ، قال له الرجل : لا بل عشيرتهم ، قال : فهؤلاء إخوانهم في عشيرتهم وليسوا إخوانهم في الدين. قال فرجت عني فرج الله عنك.
(٢) نور الثقلين ٢ : ٤٢ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى علي بن سالم عن أبيه قال قال الصادق جعفر بن محمد (عليهما السّلام) : ..