متلافقة تدع الناظرين إليها حيارى ، ف (انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ)!
وها نحن في هذا الدرس أمام كتاب التكوين المفتوح برحمة متواترة ربانية يذكرنا بها ربنا ويعمر بها الغافلون سكارى سبات ..! :
(إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)(٩٥) :
إنه تعالى «رب الفلق» (١١٣ : ١) : ف (فالِقُ الْإِصْباحِ) (٩٦) عن ظلام الليل ، وفالق المصباح بمادة النور و (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) وفالق الحي من الميت والميت من الحي ، فلا فالق إلّا هو كما لا خالق إلّا هو ، فانه في التكوين ككلّ هو «رب الفلق» حيث يفلق النطفة عن المني ، والعلقة عن النطفة ، والمضغة عن العلقة ، والعظام عن المضغة ، والروح عن الجنين : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ).
ذلك في فلق الإنسان وبأحرى فيما دونه في كون أو كيان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)؟!.
ثم وليس يختص فلق رب الفلق بمادة الكون ، بل وبأحرى في الروحيات المتلفقة ، فرب الفلق يفلق ما أغلقته الشياطين من غاسق إذا وقب ومن النفاثات في العقد ومن حاسد إذا حسد ـ.
ذلك ، لأن الفلّق في أصله هو شق الشيء واستخراج ما فيه ، فقد يشمل كلّ شق فيه خير بعدله ورحمته ، وكما فلق السماوات والأرض من المادة الأولية المسماة ب «الماء» وفلق ذلك الماء لا من شيء إلّا بإرادته البديعة ، فقد يشمل «رب الفلق» مثلث الفلق كأصل ، وسائر الفلق كفروع ، ولذلك نسمع الرسول (ص) يدعو : «اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني الدين وأغنني من الفقر