هو اللّااختيار وربنا هو المختار بذاته مهما كتب على نفسه الرحمة وحرم على نفسه خلافها.
(وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً) كما وأن قولهم (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) هي من تلك الزيادة ، قولا غولا باستحالة النسخ ، غلا ليد التشريع الربانية ، وقولا ساخرا بأنه فقير فإن عباده المسلمين فقراء.
وترى أن زيادة طغيانهم وكفرهم بما أنزل إلى الرسول (ص) تحكم بعد إنزاله حفاظا على حالتهم الأولى كما يهرفه خارف يسمي نفسه مفسرا للقرآن؟ كلّا! إذ ليس القصد من ذلك الانزال تلك الزيادة حتى تنسب إلى الله فيقال لا تعني أفعاله تعالى مصلحة وحكمة(١).
ثم وإذا دار الأمر بين صالح إنزال القرآن بطالح المزيد من طغيانهم وكفرهم ، وبين صالح البقاء على قليل كفرهم وطالح ترك إنزال القرآن فأيهما أصلح؟! فإذا كانت رعاية الأقل مصلحة أولى من الأكثر مصلحة فلا أولوية لمصلحة إرسال الرسل وإنزال الكتب حيث سبّبا مزيد الطغيان والكفر للطاغين والكافرين : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) (١٧ : ٨٢).
(وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) وتراهم باقين زمن دولة المهدي القائم من آل محمد (ص) وهي تشمل العالم كله؟ أجل ولكن لا دور لغير الإسلام سلطة روحية وزمنية ، فغير المسلمين ـ إذا ـ كلّهم أهل ذمة في تلك الدولة السعيدة ، لا دور لهم إلّا كور.
__________________
(١) يقول الفخر الرازي في ١٢ : ٤٤ من تفسيره : قال أصحابنا : دلت الآية على أنه تعالى لا يراعى مصالح الدين والدنيا لأنه تعالى لما علم أنهم يزدادون عند إنزال تلك الآيات كفرا وضلالا فلو كانت أفعاله معللة برعاية المصالح للعباد لامتنع عليه إنزال تلك الآيات!.