«وهم» يعني ـ ككل ـ المشركين المفترين المكذبين الذين كانوا يؤذونه حياتهم ، ويتربصون به كل دوائر السوء.
ثم و (يَنْهَوْنَ عَنْهُ) كما (يَنْأَوْنَ عَنْهُ) هما في مصب الذم والتنديد على سواء ، كما (إِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) يهددهم بالهلاك بما (يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ).
ومن ثم لم ينه عنه ـ فيما يختلقون من إضافة النأي عنه ـ إلّا أبو طالب وعوذا بالله ، فكيف يقول (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ) ولو أن (يَنْأَوْنَ عَنْهُ) هم غير من (يَنْهَوْنَ عَنْهُ) لتساقط النظم إلى أسفل دركات الركاكة ، وماهية إلّا
__________________
ـ فالروايتان متعارضتان ولا تقبل الآية إلّا الثانية ، والأولى معروضة عرض الحائط.
ذلك ولقد اجمع أئمة أهل البيت عليهم السلام على ايمان أبي طالب رحمه الله ، وفيه روايات تبلغ حد التواتر ومنها ما رواه ابن عمران أبا بكر جاء بأبيه أبي قحافة يوم الفتح إلى رسول الله (ص) فقال : ألا تركت الشيخ فآتيه؟ وكان أعمى ، فقال أبو بكر : أردت ان يأجره الله تعالى والذي بعثك بالحق لأنا كنت بإسلام أبي طالب أشد فرحا مني بإسلام أبي التمس بذلك قرة عينك فقال (ص) صدقت.
وروى الطبري بإسناده أن رؤساء قريش لما رأوا ذب أبي طالب عن النبي (ص) اجتمعوا عليه وقالوا : جئناك بفتى قريش جمالا وجودا وشهامة عمارة بن الوليد ندفعه إليك وتدفع إلينا ابن أخيك الذي فرق جماعتنا وسفه أحلامنا فنقلته فقال أبو طالب : ما انصفتموني تعطونني ابنكم فأغذوه وأعطيكم ابني فتقتلونه بل فليأت كل منكم بولده فأقتله وقال :
منعنا الرسول رسول المليك |
|
ببيض تلألأ كلمع البروق |
أذود وأحمي رسول المليك |
|
حماية حام عليه شفيق |
وأقواله وأشعاره المصرحة بإيمانه كثيرة لا تحصى ومنها :
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا |
|
نبيا كموسى خط في أوّل الكتب |
ومنها :
ألا إن أحمد قد جاءهم |
|
بحق ولم يأتهم بالكذب |