أوهام وأساطير حول كونه وكيانه ، لذلك هنا يختصه الخطاب كنموذج من ذلك الاستجواب على ملأ الحشر ممن ألّهوه وعبدوه من دون الله ، ومن ألهوه وألغوه من درجات الصالحين ، ومن هم عوان حيث آمنوا به رسولا ، وأمام سائر المرسلين والمكلفين.
وحصالة البحث حول الآية أن ضرورة تلقي شهود الأعمال أعمال المكلفين ليست إلّا قبل إلقاءها ، دون ما قبله برزخا فضلا عما قبله في حياة التكليف.
إذا ف (لا عِلْمَ لَنا) بغيب الأعمال التي ما شهدناها (إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) قد تعني ـ فيما عنت ـ أننا لا نعلم غيب أعمال المرسل إليهم ، التي ما شهدناها ، إلّا أن تعلمنا إياها ولمّا ، ثم الله أعلمهم فاستشهدهم حيث (نَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ) (٢٨ : ٧٥).
ولو أن شهداء الأعمال كانوا يعلمونها ككل يوم الدنيا لاستكثروا من الخير وما مسهم السوء كما يقول الله تعالى عن الرسول (ص) : (لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) (٧ : ١٨٨).
وكيف يعلم كل الأعمال وهو لا يعرف المنافقين إلّا فيما قد يعرّفهم الله إياه : (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) (٩ : ١٠١).
فكما قد تبرّر (لا عِلْمَ لَنا) بهول الموقف المذهل ، وأدب الحضور ، كذلك يبرر أنهم لمّا يعلموا غيب الأعمال ثم أعلمهم الله ليشهدوا.
ولماذا ذلك السؤال العضال؟ لكي نعلم أنهم على محتدتهم الرسالي ليسوا على شيء أمام الله ، وأن هول الموقف يذهلهم كما يذهل الآخرين : ف (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا