فهلا يكون بيان الله في آي التحريم قبل المائدة بيانا شافيا حتى أبتلي بما أبتلي به ثم انتهى عند آية المائدة؟! وهذا مسّ من كرامة القرآن ، ذلك الكتاب البيان!
ذلك! وقد يتحسر الخليفة حين تنزل آية المائدة قائلا : ضيعة لك اليوم قرنت بالميسر (١) ويكأنها ما قرنت به في آية البقرة؟
ذلك وبعد قولة الانتهاء لم يكن لينتهي عن شرب النبيذ الشديد أخت الخمرة اللعينة (٢) وليس ينقضي العجاب من تفقّه الخليفة وطغواه في تقواه أمام أكبر الكبائر فضلا عن سائرها وسائر الصغائر!.
آيات تحريم الخمر تلويحا وتصريحا هي متفقة الدلالة عليه ، مهما كانت متدرجة المدلول في بيان آماد التحريم وأبعاده ، وهذه الخاتمة لها في القرآن كله تحمل آكد التأكيدات وأشد التشديدات في حرمة الخمر وخلفياتها الخطرة فردية وجماعية.
هنا «إنما» «رجس» (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) «فاجتنبوه» (يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) (وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ) و (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) هذه السبع تفتح على حقول الخمر الدركات السبع الجهنمية ، بأخواتها (الْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ) وهي تتقدمها كرئيسة لها ، وهي حقا
__________________
(١) المصدر ٣ : ٣١٥ وفيه ايضا قوله : «أقرنت بالميسر والأنصاب والأزلام بعدا لك وسحقا»؟ وقد قرنت بالميسر في البقرة!.
(٢) للاطلاع على مدارك شربه راجع تفسير آية البقرة في الفرقان وكما تطلع عنده على أبعاد أخرى في حقل الخمر.