يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ (١) الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)(٩١) :
لقد حرّمت آيات تحريم الإثم ال (٤٨) بصورة طليقة كل إثم وهو ما يبطئ عن الثواب ، وكانت في قمتها الخمر فإنها مفتاح لكل المنكرات ، مبطئة عن كل ثواب هو قضية عقل الإيمان ، فإذا زال العقل زالت الإنسانية والإيمان وانفتحت كل أبواب الشر واللّاإيمان.
نرى (١١) آية من آيات الإثم مكية والباقية مدنية ، ومن المكية : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ..) (٧ : ٣٣).
وإذا كان الإثم محرما فما ذا ترى في كبائر الإثم : (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ) (٤٢ : ٣٧) كما (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً) (٤ : ٤٨) ثم نسمع الله يكبّر إثم الخمر في آية البقرة : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) (٢١٩) ، وبينهما مكية ك (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً) (١٦ : ٦٧) حيث عد السكر رزقا سيئا ، ومدنية ك (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ..) (٤ : ٤٣) مهما كانت نازلة قبل آية البقرة أو بعدها ، فإن لها دورا عظيما في تحريم الخمر إذ تقرر الحظر عن الصلاة ـ وهي عمود الدين ـ عند السكر ، إذا فهو عمود اللّادين حيث يصد عن عمود الدين صدا فارضا محتوما.
ومن أغرب الغرايب أن جماعة مثل الخليفة عمر ما كان يترك الخمر طوال هذه الآيات مكيات ومدنيات قائلا : «اللهمّ بين لنا في الخمر بيانا شافيا فإنها تذهب المال والعقل فنزلت هذه الآية فدعي عمر فقرأت عليه