المشهورة عن هذا الجامع أنه كان يوجد في كوة منه مرآة ينظر فيها من له غائب عن وطنه فيراه على الصورة التي هو عليها. وفي يوم ما جاء أرنودي له غائب فنظر إلى المرآة فرآه ميتا قد حمل على النعش ليقبر فثار غضبه وفي الحال أطلق عياره الناري على المرآة فحطمها وبطل هذا الطلسم. قلت : هذه الحكاية من جملة الخرافات.
مسجد أشق تمر
محله داخل باب النيرب قرب سوق القصيلة على يمنة السالك إليه ويعرف الآن بجامع السكاكيني. وكان أنشأه (أشق تمر) نائب حلب سنة ٧٧٦ وأنشأ بقربه حماما وفرنا وخانا ومعصرة وحوانيت وقفها عليه وعلى تربته التي أنشأها ظاهر حلب في باب المقام على يمنة الخارج من المدينة وهي تربة عظيمة واسعة لها بوابة من الحجر النحيت الأبيض ذات عقد مصلب له ثلاث قناطر ومساطب رخام أصفر داخلها مدفن معقود عليه قبة كبيرة وله حوش كبيرة وبها بركة كبيرة مرخمة الدائر يصل إليها الماء من القناة في صدر هذا الحوش إيوان كبير ذو شبابيك أحدها مطل على قسطل كبير يجري إليه الماء من فائض البركة وأما المسجد المذكور فإن (محمد راجي ابن محمد علي بيازيد) جدد سقف قبليته وأنشأ في شماليه بضع حجرات برسم مجاورين لطلب العلم ووظف والدي بالتدريس وأقبل عليه الطلبة إقبالا زائدا وانتفعوا به في هذه المدرسة انتفاعا عظيما ونشأ منهم عدة علماء ذكرنا بعضهم في باب التراجم وكان في عزم المرحوم محمد راجي أن يقف لهذا المسجد ومدرسته وقفا يقوم بكفايتهما فأعجلته المنية قبل إدراك الأمنية وبعد وفاة والدي بطلت المدرسة وصارت حجراتها مسكنا للفقراء وعاد المسجد إلى فقره واحتياجه. ولم يكن لخطيبه وإمامه سوى قليل من المعاش لأن ريعه لا يزيد على ستمائة قرش في السنة. وأما أوقافه القديمة التي وقفها عليه منشئه أشق تمر المتقدم ذكرها فقد استولى عليها الناس وجرت في أملاكهم وأشرف الجامع على الخراب ثم آلت خطابته إلى الهمام الفاضل الشيخ عبد اللطيف ابن المرحوم العالم الحافظ الشيخ محمد البشير بالخياط الطيب فصرف عنايته لإعماره واستخراج له من محاسبة الأوقاف مبلغا صرفه على مرمته وإحياء شعائره وتصدى فيه لإرشاد أهل تلك المحلات فعاد للجامع والمدرسة شيء من رونقهما القديمين جزاه الله خيرا.