(وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) (٥ : ٨٩) فان جعله تعالى عرضة للإيمان مهانة لساحة الربوبية وهو أن للحلّاف ، فلا يصدّق قوله بما يكثر من حلفه دونما داع ولا قلب واع.
إذا ف (أَنْ تَبَرُّوا ...) هي كغاية لذلك النهي ، لأن تبروا إلى الناس وتتقوا كل محظور وتصلحوا بين الناس ، حيث يصدقكم الناس حين تحترمون ساحة الربوبية إذ تجعلون الله عرضة لأيمانكم.
ام هي بتقدير النفي : ألّا تبروا ك (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) فلا تكثروا الحلف بالله في ترك هذه الخيرات كما كانوا يكثرون ، ومهما كان القليل من الحلف ايضا محظورا بهذا الصدد ، فالنهي هنا متجه إلى الإكثار كمرحلة اولى لترك هذه الجريمة النكراء : (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً).
ثم ولا تجعلوا الله مانعا لأيمانكم بالله عن ان تبروا .. (١) إذ كانوا يحلفون بالله في ترك البر والتقوى والإصلاح بين الناس وما أشبه من معروف ليتخلصوا بذلك ـ كحيلة شرعية ـ عما يتوجب عليهم من معروف ، همة وحيلة في مصارعة الحياة ليكونوا في راحة ورحمة عن زحمة من مفروضات الحياة الجماعية ، كأن يحلف ألّا يكلم أخاه وما أشبه ذلك أو لا يكلم أمه (٢) فالله الذي يأمر بكل بر وتقوى وإصلاح بين الناس كيف يجعل باليمين به مانعا محتالا لترك هذه الخيرات الثلاث
__________________
(١) في تفسير العياشي عن الصادق (عليه السلام) في الآية قال : هو قول الرجل لا والله وبلى والله.
(٢) في تفسير العياشي عن الباقر والصادق (عليهما السلام) في الآية : يعني ان الرجل ... وفيه ايضا عنهما (عليهما السلام) قالا : هو الرجل يصلح بين الرجلين فيحمل ما بينهما من الإثم والله يغفر له.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) في الآية «إذا دعيت لتصلح بين اثنين فلا تقل علي يمين أن لا أفعل.»