فالطاقة هي الحالة المتحمّلة ، ف (ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) هي غير المتحمّلة مهما كانت مقدورة ، حيث تستأصل كل القدرات ، فهي والحرج متماثلان ، وكما أنه (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) كذلك (ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) بفارق أن الثانية تعم العذاب هنا كما التكليف.
ذلك ـ وإلى إيجابيات ثلاث في الدعاء ، هي ختام السورة :
(وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) ٢٨٦.
وعلّ الفارق بين هذه الثلاثة أن العفو هو عن الذنب ألّا يعذّب به ، وقد يعفى عن ذنب هكذا وهو باق بصورته يوم يقوم الأشهاد ، وهو عذاب نفسي بعد السماح عن سائر العذاب.
إذا ف (اغْفِرْ لَنا) غفرا شاملا لذنوبنا ، أن تستر عليها بعد ما عفوت عنها.
ثم (وَارْحَمْنا) درجة ثالثة بعدهما ، ألّا يكتفى بالعفو والغفر ، بل ويرحمنا بمزيد من فضله وكما قال الله (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) في وجه من الوجوه المعنية منها.
كل ذلك نتطلبه منك ربنا لأنك (أَنْتَ مَوْلانا) لا سواك ، فلسنا لنسأل إلّا إياك ، ولا أن سؤلنا يختص بالأخرى ، بل وفي الأولى :
(فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) نصرة في الدارين ، رحمة للمؤمنين وحسرة على الكافرين ، والحمد لله رب العالمين.
ذلك وقد ينطبق على هذه حديث رفع التسعة ، المروي عن النبي (ص): «رفع عن أمتي تسعة أشياء الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه وما لا يطيقون وما لا يعلمون وما اضطروا إليه والحسد والطيرة والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لا ينطق بشفه» (١).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٥٢ في التوحيد بإسناده إلى حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال قال ـ