هنا (ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) كما تعني شأن نزولها مما أسلفوه من ربا ، كذلك تعني حاضر الربا بعينها أم بديلها ، فإن (ما بَقِيَ) دون قيد ، تعم ما بقي لهم على المديونين ، وما بقي عندهم مما أخذوه منهم عينا أم بديلا ، وكما تفسره (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ) إضافة إلى أنه قضية العدل في الأموال ، فلقد سبق التنديد بآكلي الربا الكافرين من ذي قبل ، وعدا لهم ترغيبا أن «له (ما سَلَفَ) إن انتهوا ، ثم (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) بيانا لحدود ما لهم مما سلف.
وبعد أن آمنوا تشملهم هنا (الَّذِينَ آمَنُوا) إلى جانب سائر المؤمنين ، أمرا بتقواهم في (ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) كما اتقوا سائرها ، و (ما بَقِيَ) تشمل مثلث الربا مسلفة وحاضرة مأخوذة ، عينا وبديلا ، وكما اتقوا مستقبلها منذ حالهم.
وهنا (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) تبيّن أن ترك ما بقي منها هو من شروط الإيمان كترك سائرها.
إذا ف (ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) مما تعنيه (وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ) كما تعني (وَمَنْ عادَ ...) فإنه يعاد عليه ذنبه بكل ما أخذه من الربا كائنة ما كانت.
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) ٢٧٩.
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) انتهاء عن أصل الربا بعد ما جاءتكم موعظة من ربكم ، أم فعلتم و (لَمْ تَفْعَلُوا) تقوى عما بقي من الربا ، أم جمعتم بين أصل الربا وما تبقّى (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) : اعلموا حينذاك (بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ) يحاربكم إذ خالفتم تشريعه كفرا أو عصيانا (وَرَسُولِهِ) يحاربكم إذ خالفتم بلاغه عن الله.
وذلك تعبير منقطع النظير في كبيرة عقيدية أو عملية لفضاعة الموقف روحيا