شُورى بَيْنَهُمْ) تجعل الإمرة ـ وهي أهم الأمور ـ مما لا تصح إلا بالشورى الصالحة كما فصّلت على ضوء آية الشورى.
وهنا لما يتقاضى الملأ نبيا لهم ، لا يجاوبهم من فورهم في سؤالهم إلّا بعد ان يستوثق من صدق عزيمتهم تصميما قاطعا على النهوض بالتبعة الثقيلة ، منددا بناقضي العهد منهم :
(قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا ...)
فالآن أنتم في سعة من ترك القتال ما لم يبعث لكم ملك فيفرض عليكم القتال تحت إمرته ، وهذا يلمح بان فرض القتال او رجاحتها مربوط بحاضر شروطها ومن أهمها قائد الحرب ، حيث يبدل «ان بعث الله لكم ملكا» ب «ان فرض عليكم القتال» مما يؤكد ان القتال لزام القيادة الصالحة.
وهذه كلمة لابقة لائقة بنبي ، تأكدا لعزم وحزم من ملإه حتى تحل فريضة الله محلها اللائق ، دونما إجابة سؤال فارغ عن تصميم.
هنا ـ وعند هذه التوبيخة الصارمة ، والاستيثاقة الواثقة ، ترتفع درجة فورتهم وحماستهم من فورتهم ، استئصالا لهامة أسباب التجافي عن فرض الله :
(قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا ...)؟!
فقد تكون القتال مجردة عن مصلحة حاضرة ملموسة ، فعنده التثاقل عنها ، ولكننا (وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا) ننتظر ـ بكل عجالة وانتظار ـ أمر القتال تحت قيادة صالحة للانتصار ، فان أعداءنا هم أعداء الله ، وأعداء الله هم أعداءنا ، فلنشمّر عن كل ذيل لقتالهم في سبيل الله ، وسبيل صالحنا المرضي لله.