أم إنهم استعظموا موقفه الرسالي ومكانته أن يقودهم بنفسه القتال وهو رأس الزاوية في القيادتين ، فطلبوا منه أن يبعث لهم ملكا ينوب عنه في قيادة القتال ، دون سائر الأبعاد في القيادة الزمنية فضلا عن الروحية؟.
وقد قاد القتال في سبيل الله من هم اكبر منه كداود وسليمان من الأولين ، والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وصنوه على (عليه السلام) من الآخرين.
أم إنه كان ـ كما هو الضابطة ـ جامع القيادتين إلّا القتال التي تقتضي بسطة في الجسم كبسطة العلم ، فلم يكن بتلك القوة الجسيمة التي تناسب قيادة الجيش؟.
أم وكان مبسوط الجسم ايضا الى بسط العلم ولكن الظرف آنذاك كانت قضيته ان يبعث النبي ملكا من عنده بإذن الله ، دون ان يقود هو الحرب بنفسه وكما أشار الإمام علي (عليه السلام) الخليفة عمر في حرب المسلمين مع الفرس ألا يخرج بنفسه قضية الحفاظ على قاعدة القيادة الزمنية ، فان غلب جيش الإسلام قيل هذه هي فعلة القيادة الجانبية فضلا عن الأصيلة ، وان غلبوا قيل لأن القائد لم يكن هو الأصيل ، فمصلحة الحفاظ على سيادة القيادة كانت تقتضي آنذاك ألا يخرج الخليفة بنفسه إلى هذه الحرب الضارية الداهية الخطرة.
وقد يعني «ملكا» هنا قائدا للجيش «وكان الملك في ذلك هو الذي يسير بالجنود والنبي يقيم له أمره وينبئه الخبر من ربه» (١).
__________________
(١) بحار الأنوار ١٣ : ٤٤٩ عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية قال : وكان الملك ... فلما قالوا ذلك لنبيهم قال لهم : إنه ليس عندكم وفاء ولا صدق ولا رغبة في الجهاد ، فقالوا : إن كتب الله الجهاد فإذا أخرجنا من ديارنا وأبناءنا فلا بد لنا من الجهاد ونطيع ربنا في جهاد عدونا ...