(أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ١٣٣.
هنا في ذكر إسماعيل في عداد آباء يعقوب دليل السعة في لغة الأب فهي تختلف عن الوالد ، فأبوه آزر في آيات ليس والده ، لا سيما وانه تبرء من آزر (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ) ثم نراه في أواخر عمره يدعو لوالديه (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ) إذا فوالده غير أبيه.
وإنه لمشهد عميق التدليل ـ في لحظات الموت ـ على عمق عقيدة التوحيد بين آل ابراهيم ، فيعقوب ـ وهو رأس الزاوية في بيت إسرائيل ـ لا يوصي عند احتضاره بمال ، ولا يشغله بال ، إلّا ذلك الأمر الجلل فهو المبتدء وهو المآل ، فهو ـ فقط ـ تركته وتركة آباءه ، قضية كبرى لا تشغله عنها سكرات الموت ، بل هي تشغله عما سواها.
(ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي) اختبار حاسم تظهر فيه مدعى الدعوة التوحيدية لهم طول حياته الرسالية ، يتلوه جواب حاسم (نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ...) أن إلهنا جميعا إله واحد ، خلاف المشركين الذين لكلّ منهم إله او آلهة ، ثم (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) لا فقط مقرون وإنما إسلام له قلبا وقالبا.
(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٣٤).
(تِلْكَ أُمَّةٌ) موحدة مسلمة (قَدْ خَلَتْ) فخلف من بعدها خلف أضاعوا ملتها الوحيدة الموحدة المسلمة ، وتخلفت عن شرعة الله المرسومة بينها ، ف (لَها ما كَسَبَتْ) من خير «ولكم» الخلف المتخلف (ما كَسَبْتُمْ) ـ (وَلا تُسْئَلُونَ) أنتم (عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) كما وهم لا يسألون عما كنتم تعملون ، كما «ولكم»