فجاء الى النبي ، فقال : يا رسول الله ، أما قريش ، فلا أدعهم حتى أثأر منهم . . . ضربوني ! !
فخرج حتى أقام بعسفان ١ وكلما أقبلت عير لقريش يحملون الطعام ، ينفِّر بهم على ثنية غزال فتلقي أحمالها ، فيجمعوا الحنط ، ( فيقول أبو ذر لهم ) : لا يمس أحد حبة حتى تقولوا ، لا إله إلا الله . فيقولون ، لا إله إلا الله ، ويأخذون الغرائر ! ٢
وحين رجع أبو ذر الى قومه ، نفذ وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فدعاهم الى الله عز وجل ونَبذِ عبادة الأوثان والايمان برسالة محمد ( ص ) ، فكان أول من أسلم منهم أخوه أنيس ، ثم اسلمت أمهما ، ثم أسلم بعد ذلك نصف قبيلة غفار ، وقال نصفهم الباقي : اذا قدم رسول الله المدينة ، أسلمنا .
جاء في صحيح مسلم : عن أبي ذر قوله :
فأتيت أنيساً ، فقال : ما صنعت ؟ قلت : صنعت ، أني قد أسلمت وصدَّقت . قال : ما بي رغبة عن دينك . !
فأتينا أمَّنا . فقالت : ما بي رغبة عن دينكما ! فاني قد أسلمت وصدقت .
فاحتملنا ٣ حتى أتينا قومنا غفاراً . فأسلم نصفهم .
__________________
(١) عسفان : موضع على بعد ستة وثلاثين ميلا ، ( بين مكة والمدينة ) المعجم .
(٢) أعيان الشيعة ١٦ / ٣٢٠ ـ ٣٢١ . الكلمات التي بين قوسين خارجة عن الاصل .
(٣) يعني حملنا انفسنا ومتاعنا .