ساعات ، ساعة يناجي فيها ربَّه ، وساعة يصرفها في صنع الله تعالى ، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدّم وأخَّر ، وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال في المطعم والمشرب . فانَّ هذه الساعة عون لتلك الساعات واستجمام للقلوب ، وتوديع لها ؟ وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث : تزوّد لمعاد . أو مرمَّة لمعاش . أو لذة في غير محرّم . وعلى العاقل ، أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه . ومن حسب كلامه من عمله ، قلّ كلامه إلا فيما يعنيه .
قلت : يا رسول الله ، ما كانت صحف موسى ( ع ) ؟
قال : كانت اعتبارا كلها !
عجباً لمن أيقن بالنار ، كيف يضحك ؟ ! عجباً لمن أيقن بالموت ، كيف يفرح ؟ ! عجبا لمن أبصر الدنيا ، وتقلُّبَها بأهلها حالا بعد حال ، ثم يطمئن اليها ! ؟ عجباً لمن أيقن بالحسنات غدا ، كيف لا يعمل ! ؟
قلت : يا رسول الله ، فهل في أيدينا مما أنزل الله عليك ، شيء مما كان في صحف ابراهيم ، وموسى ؟ .
قال : إقرأ يا أبا ذر : قد أفلَحَ من تَزكَّى ، وذكَر إسم ربِّه فصلَّى ، بلْ تُؤثرونَ الحَياةَ الدُنيا . والآخرة خير وأبقى إنَّ هذا ( يعني ذكر هذه الأربع آيات ) لفي الصحف الأولى ، صُحُفِ ابراهيمَ وموسى . .
قلت : يا رسول الله ، أوصني .
قال : أوصيك بتقوى الله ، فانها رأس أمرِكَ كلِّه .
قلت : يا رسول الله : زدني .
قال : عليك بتلاوةِ القرآن ، وذكرِ الله كثيرا ، فانه ذكر لك في السماء ، ونور لك في الارض .