ولما تولّى عثمان الخلافة أدخله معزّزاً مكرّماً وأعطاه مأة ألف درهم لأنه صحابي (١). وباختصار فلا يشترط بالشخص حتى يكون صحابياً يكون مؤمناً حقيقة بالنبي بل يكفي أن يتظاهر بالإيمان وأن يموت على هذا الإيمان أو على هذا التظاهر به ، لأنّ النبي لا يعني بالبواطن إنّما يكلها إلى الله.
ومن هنا ، ومن خلال دعوة النبي ومن خلال دولته وغزواته (٢) ومن خلال بيعة الناس له ، والحج والعمرة وفتح مكة وحجة الوداع خاصة ، وسيطرة دولته الكاملة على الجزيرة العربية أتيحت الفرصة للجميع للالتقاء به ، لم يبق في مكة ولا الطائف أحد في السنّة العاشرة إلا اسلم وشهد مع النبي حجّة الوداع ، ومثل ذلك قول بعضهم في الأوس والخزرج أنه لم يبق منه أحد في آخر عهد النبي إلا ودخل في الإسلام ، وما مات النبي وواحد منهم يظهر الكفر (٣) « حتى الأطفال صاروا صحابة » على سبيل الالحاق لغلبة الظن على انه صلىاللهعليهوآلهوسلم رآهم لتوفّر دواعي أصحابه على إحضارهم أولادهم عنده عند ولادتهم ليحنكهم ويسمّيهم ويبرك عليهم. والأخبار بذلك كثيرة ( كان النبي يؤتى بالصبيان فيبارك عليهم ) ( ما كان يولد مولود إلا أُتي به النبي ) (٤).
فإذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ الفوارق قد أزيلت تماماً بين الحاكم والمحكوم في دولة النبي ، وأنه كان يمشي في الشارع وحده. ويقضي حاجته بنفسه ، فكان بامكان أي مواطن في الدولة الإسلامية ان يراه وان يتكلّم معه أو أن يحضر مجلسه ممّا جعل شعب دولة النبي كله صحابة بهذا المفهوم ، بمعنى أن كل مواطني الدولة قد التقوا بإمامهم ورئيس دولتهم أو شاهدوه أو سمعوه أو جالسوه.
الفرق الإسلامية الأخرى تتفق مع أهل السنّة من حيث المعنيين اللغوي والاصطلاحي ، ولكنهم يختلفون من حيث صفة العدالة ، فبينما يعمم أهل السنة
__________________
(١) راجع المعارف لابن قتيبة ص ٥٤ و ١٣١ وراجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام ص ١٠٣.
(٢) راجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام ص ٢٣٢ وما فوق.
(٣) راجع الاصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني ص ١٦.
(٤) الاصابة في تمييز الصحابة ص ٧ لابن حجر العسقلاني.