النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بنفسه قرابة عشر سنين ، أرسى خلالها قواعد النظام السياسي الإسلامي ، وبين عقيدة الإسلام بياناً كاملاً من خلال نقل النصّ من النظر إلى التطبيق على كل صعيد ، ومن خلال إبراز روحها العامة.
ومن المتفق عليه دستورياً ان مقومات الدولة ـ أية دولة ـ على الإطلاق تتكون من : ١ ـ شعب. ٢ ـ إقليم يستقر فوقه هذا الشعب. ٣ ـ سلطة تسوس هذا الشعب.
وإذا اخذنا بالتعريف الذي اورده ابن حجر العسقلاني للصحابة فإنّ المعول لينال شرف الصحبة ويكون صحابياً هو :
١ ـ الالتقاء بالنبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم سواء اكان هذا الالتقاء عن طريق المجالسة أو المحادثة أو المشاهدة. فمن شاهد النبي أو شاهده النبي فهو صحابي حتى ولو كان طفلاً رضيعاً لان المشاهدة لا تنسب له انما تنسب للنبي نفسه.
٢ ـ الإيمان بالنبي أنّه نبي ، فلو اخذنا برأي ابن حجر العسقلاني لوجب علينا أن نتأكد من حقيقة هذا الإيمان ، وهذا أمر خارج عن قدرة البشر ، وكان على ابن حجر العسقلاني أن يقول : مؤمناً به أو متظاهراً بالإيمان به. فعبد الله بن أبي ، زعيم المنافقين قولاً واحداً هو من الصحابة بالإجماع. فقد قال النبي صلىاللهعليهوآله لمن اشار بقتله ( فلعمري لنحسننّ صحبته ما دام بين اظرنا ) (١). وعبد الله بن أبي سرح كان يكتب لرسول الله ثم افترى على الله الكذب ، وأباح الرسول صلىاللهعليهوآله دمه ولو تعلق بأستار الكعبة. وعند فتح مكة تشفّع له عثمان ودخل في الإسلام لينجو بروحه ... وهو صحابي شاء الناس أم أبوا (٢) ومثله الحكم بن العاص طريد رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ طرده الرسول وحرم عليه دخول المدينة ، وبوفاة الرسول راجع عثمان أبا بكر ليدخله لكن أبا بكر رفض ، ولما مات أبو بكر راجع عثمان عمر ليدخل ولكن عمر رفض أيضاً ان يدخله المدينة في عهده ،
__________________
(١) راجع الطبقات لابن سعد ج ٢ ص ٥٦ على سبيل المثال وراجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام ص ١٠٣.
(٢) راجع المعارف لابن قتيبة ص ١٣١ و ١٤١.