يتناجون بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله ، أو بما يكرهه ، فنهاهم النبي صلىاللهعليهوسلم عن النجوى ، فلم ينتهوا ، فأنزل الله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى) الآية.
وأخرج أحمد والبزار والطبراني بسند جيد عن عبد الله بن عمرو : أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : سام عليكم ، ثم يقولون في أنفسهم : (لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ) ، فنزلت الآية : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ).
وقال ابن عباس ومجاهد : نزلت في اليهود والمنافقين ، وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم ، وينظرون إلى المؤمنين ، ويتغامزون بأعينهم ، فإذا رأى المؤمنون نجواهم قالوا : ما نراهم إلا وقد بلغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السرايا قتل أو موت أو مصيبة أو هزيمة ، فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم ، فلا يزالون كذلك حتى يقدم أصحابهم وأقرباؤهم ، فلما طال ذلك وكثر ، شكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأمرهم أن يتناجوا دون المسلمين ، فلم ينتهوا عن ذلك ، وعادوا إلى مناجاتهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (١).
نزول قوله تعالى : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) :
عن عائشة قالت : جاء ناس من اليهود إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم ، فقلت : السام عليكم وفعل الله بكم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : مه ، يا عائشة ، فإن الله تعالى لا يحبّ الفحش ولا التفحش ، فقلت : يا رسول الله ، ألست أدري ما يقولون؟ قال : ألست ترين أردّ عليهم ما يقولون؟ أقول : وعليكم ، ونزلت هذه الآية في ذلك : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) (٢).
__________________
(١) أسباب النزول للنيسابوري : ص ٢٣٣
(٢) المرجع والمكان السابق ، والحديث رواه ابن أبي حاتم.