عقله ووعيه ، ويحس بقسوة خلو البيت من المرأة أو التفكير بالزواج بامرأة أخرى ، ويتذكر محاسن امرأته ، ويغض النظر عن مساوئها ، كما قال صلىاللهعليهوسلم فيما أخرجه مسلم عن أبي هريرة : «لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقا رضي خلقا» وقد تكون المرأة حاملا. والحديث مؤيد للآية : (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً ، وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [النساء ٤ / ١٩].
ثم بيّن الله تعالى الحكم عند الاقتراب من نهاية العدة ، فقال :
(فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ، فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) أي إذا شارفن على انقضاء العدة ، وقاربن ذلك ، أي قاربت العدة على الانتهاء ، ولكنها لم تنته تماما ، فلكم أيها الأزواج اختيار أحد أمرين : إما الإمساك بالمعروف ، وهو الرجعة إلى عصمة الزوج والاستمرار في الزوجية ، مع الإحسان إليها في الصحبة ، وإما المفارقة بالمعروف ، أي تركهن إلى انقضاء عدتهن مع إيفاء حقهن واتقاء الضرار بهن ، من غير توبيخ ولا تعنيف ولا مشاتمة ، بل تطلق المرأة على وجه جميل وسبيل حسن. أما الإمساك للمضارة أو التسريح مع الأذى ومنع الحق ، فإن ذلك لا يحل لأحد.
ثم أمر الله تعالى بالإشهاد على الرجعة أو الفراق ، فقال :
(وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ، وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) أي وأشهدوا على الرجعة إن راجعتم ، أو المفارقة إن فارقتم ، قطعا للنزاع ، وحسما لمادة الخصومة أو الإنكار ، وأدوا الشهادة أيها الشهود وأتوا بها خالصة لوجه الله ، وتقربا إليه لإظهار الحق ، دون تحيز أو مجاملة لأحد الخصمين ، المشهود له أو عليه.
وهذه الشهادة على الرجعة والفرقة مندوبة ، والأمر للندب والاستحباب عند أئمة المذاهب الأربعة في الجديد عند الشافعي ، كما في قوله تعالى : (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) [البقرة ٢ / ٢٨٢] ودليل صرف الأمر عن الوجوب الإجماع على عدم