والأولاد الذين يثبطون عن الطاعة ، شأن أكثر ميل الناس عن الطاعات ، ثم أبان أن الأموال والأولاد فتنة ، فينبغي الحذر ، ثم أمر تعالى بالتقوى والإنفاق في سبيل الله ، مبينا مضاعفة الثواب للمنفقين ومغفرته لهم.
التفسير والبيان :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ، فَاحْذَرُوهُمْ) أي يا أيها المصدقون بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، إن بعض أزواجكم وأولادكم أعداء لكم ، عداوة أخروية ، يشغلونكم عن الخير والأعمال الصالحة التي تنفع في الآخرة ، فكونوا منهم على حذر ، واحذروا أن تؤثروا حبهم وشفقكم عليهم على طاعة الله تعالى.
وقد عرفنا سبب النزول : أن رجالا من مكة أسلموا ، وأرادوا أن يهاجروا ، فلم يدعهم أزواجهم ولا أولادهم ، فأمر الله سبحانه بأن يحذروهم ، فلا يطيعوهم. وجاء في الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال : «يأتي زمان على أمتي ، يكون فيه هلاك الرجل على يد زوجه وولده ، يعيّرانه بالفقر ، فيركب مراكب السوء ، فيهلك» (١).
ثم أمر الله تعالى العفو والصفح عنهم ، فقال :
(وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا ، فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي وإن تعفوا عن ذنوب أزواجكم وأولادكم التي ارتكبوها بترك المعاقبة ، وتصفحوا بترك اللوم والتثريب عليها ، وتستروا الأخطاء تمهيدا لمعذرتهم فيها ، فالله غفور لذنوب عباده ، رحيم بهم ، يعامل الناس بأحسن مما عملوا.
ثم زاد الله تعالى الأمر بيانا ، فقال :
__________________
(١) تفسير الألوسي : ٢٨ / ١٢٦