وفروجهم ، ساهون عن العاقبة ، لاهون بما هم فيه ، ولهذا ثبت في الحديث الصحيح عند أحمد والشيخين والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر : «المؤمن يأكل في معى واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء».
ونار جهنم يوم جزائهم مسكن ومنزل لهم يستقرون فيه.
والخلاصة : أن الله يدخل المؤمن الجنة ، والكافر النار في عالم الآخرة.
ثم هدّد الله تعالى مشركي مكة وأوعدهم بقوله :
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ ، أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ) أي وكثير من أهل المدن والأمم السالفة ذات القوة والنفوذ كانوا أشدّ بأسا وقوة من أهل مكة الذين أخرجوك منها ، فأهلكناهم ، ولم يجدوا لهم ناصرا ولا معينا يدفع عنهم العذاب ، فبالأولى من هو أضعف منهم ، وهم قريش.
وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لأهل مكة في تكذيبهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو سيّد وخاتم الأنبياء. فإذا أهلك الله عزوجل عتاة الأمم الذين كذبوا الرّسل ، فسيفعل الأمر نفسه بأمثالهم ، وإن امتنع إيقاع عذاب الاستئصال في الدنيا بسبب الرسول صلىاللهعليهوسلم نبي الرحمة ، فإن العذاب لهم كائن لا محالة في الآخرة.
ثم أبان الله تعالى سبب التفرقة في جزاء الفريقين ، فقال على طريق الإنكار :
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) أي أفمن كان على بصيرة ويقين من أمر دينه وبما جبل عليه من الفطرة السليمة بتوحيد الله ، كمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا ، وهو عبادة الأوثان ، والإشراك بالله ، واقتراف المعاصي ، واتبعوا أهواءهم في عبادتها ، وانهمكوا في أنواع الضلالات ، بلا شبهة توجب الشّك ، فضلا عن حجة صحيحة. والمعنى لا يستوي الفريقان.