فَاسْتَغْلَظَ ، فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ ، يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) أي ذلك الوصف المذكور للصحابة هو وصفهم الذي وصفوا به في التوراة ووصفوا به في الإنجيل ، وهم كانوا ضعافا قليلي العدد ، فازدادوا وكثروا وتقووا ، مثل الزرع الذي أخرج فروخه وفروعه على جوانبه ، فاشتد وقوي وأعانه وشدّه ، أي إن الزرع قوّى الشطء ، لأنه تغذى منه واحتمى به ، وتحول من الدقة إلى الغلظ ، واستقام على أعواده ، يعجب هذا الزرع الزرّاع لقوّته وحسن منظره ، كما هو معروف.
وهذا مثل ضربه الله تعالى للصحابة ، كانوا في الابتداء قلّة ، ثم زادوا وكثروا وتقووا ، كالزرع تكون فراخه في الابتداء ضعيفة ، ثم تتقوى تدريجيا حتى يغلظ ساقه.
وقد كثّر الله الصحابة وقواهم ليكونوا غيظا للكافرين.
وهكذا يكون إيمان المسلم إذا دخل في الإسلام ضعيفا ، ثم يتقوى بصحبته وملازمته لأهل العلم والإيمان حتى يستوي ويكون مثلهم ، وربما أقوى منهم.
ـ (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) أي وعد الله تعالى الذين آمنوا بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، وعملوا صالح الأعمال أن يغفر ذنوبهم ، ويجزل أجرهم وثوابهم ، ويدخلهم الجنة ، ووعد الله حق وصدق وكائن لا محالة ، ولن يخلف الله وعده.
وهذا يشمل الصحابة وكل من اقتفى أثرهم ، وسار على منهجهم من أفواج الإيمان وجند الإسلام ، وتلاحق الأجيال. روى مسلم في صحيحة عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تسبّوا أصحابي ، فو الذي نفسي بيده ، لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ، ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه».