ثم أمر تبارك وتعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، التي هي سعادتهم في الدنيا والآخرة ، ونهاهم عن الارتداد الذي هو مبطل للأعمال ، فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ، وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) أي يا أيها المؤمنون بالله ورسوله أطيعوا الله تعالى وأطيعوا رسوله صلىاللهعليهوسلم ، بامتثال أوامرهما واجتناب نواهيهما ، ولا تبطلوا حسناتكم بالردة أو بالمعاصي الكبائر ، وبالرياء والسمعة ، والمن والأذى. أما الإبطال بالردة فدليله الآية التي بعدها : (فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ).
وأما الإبطال بالكبائر فقد ذكر في سبب النزول عن أبي العالية قال : كان أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم يرون أنه لا يضر مع «لا إله إلا الله» ذنب ، كما لا ينفع مع الشرك عمل ، حتى نزلت الآية ، فكانوا يخافون الكبائر على أعمالهم.
وقال قتادة رحمهالله : رحم الله عبدا لم يحبط عمله الصالح بعمله السيء. وعن ابن عباس رضياللهعنهما : لا تبطلوها بالرياء والسمعة ، أو بالشك والنفاق.
وروى محمد بن نصر المروزي عن ابن عمر رضياللهعنهما قال : «كنا معشر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم نرى أنه ليس شيء من الحسنات إلا مقبول ، حتى نزلت (أَطِيعُوا اللهَ ، وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ، وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) فقلنا : ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا : الكبائر الموجبات ، والفواحش ، حتى نزل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) فلما نزلت كففنا عن القول في ذلك ، فكنا نخاف على من أصاب الكبائر والفواحش ، ونرجو لمن لم يصبها».
ثم أبان الله تعالى أن أعمال المكلف إذا بطلت ، فإن فضل الله باق ، يغفر له إن شاء ، ما لم يمت على الكفر ، فقال :