فقوله : (بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) معناه : لا من علم واضح ، من هدى أتاه من هاد ، ولا من كتاب مبين واضح.
وإنما حجتهم الوحيدة هو التقليد الأعمى ، واتباع الهدى والشيطان ، لذا تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ : اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ ، قالُوا : بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) أي وإذا قيل لهؤلاء المجادلين في توحيد الله : اتبعوا ما أنزل الله على رسوله من الشرائع المطهرة ، لم يكن لهم حجة إلا اتباع الآباء الأقدمين فيما اعتقدوه من دين. وهذا في غاية القبح ، فإن النبيصلىاللهعليهوسلم يدعوهم إلى كلام الله الهادي إلى الحق والخير ، وهم يأخذون بكلام آبائهم.
وهذا منع صريح من التقليد في أصول العقيدة ، لذا وبخهم الله على سوء مقالتهم فقال :
(أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ؟) أي أيتبعونهم بلا دليل ، ولو كان اعتقادهم قائما على الهوى وتزيين الشيطان الذي يدعوهم إلى عذاب جهنم ، والله يدعو إلى النجاة والثواب والسعادة؟! وهذا كقوله تعالى : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) [البقرة ٢ / ١٧٠] أي ولو كان آباؤهم المحتجون بصنيعهم على ضلالة ، فلا عقل عندهم ولا هداية معهم؟! وهم خلف فيما كانوا فيه.
وهذا استفهام على سبيل التعجب والإنكار ، يتضمن التهكم عليهم ، وتسفيه عقولهم ، والسخرية من آرائهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
يفهم من الآيات ما يأتي :