وأما ذكر أول المدة فليس في الآية ما يقتضي إسقاطه ، بل هو مسكوت عنه ، فإما أنهما اتفقا عليه ، وإلا فهو من أول وقت العقد.
وأما الزواج بمنفعة الإجارة فظاهر من الآية ، وهو أمر أقره شرعنا ، بدليل ما روى الأئمة من الزواج على شيء من القرآن ، وفي بعض طرقه : «فعلّمها عشرين آية وهي امرأتك».
وللعلماء فيه ثلاثة أقوال : كرهه مالك ، ومنعه ابن القاسم ، والحنفية ، وأجازه ابن حبيب والشافعية والحنابلة ، بدليل هذه الآية.
وأما قول مكي : دخل ولم ينقد ، ففيه خلاف ، منعه ابن القاسم ، فليس للزوج الدخول حتى ينقد ولو ربع دينار ، وأجازه متأخر والمالكية ؛ لأن تعجيل الصداق أو شيء منه مستحب.
١٣ ـ دلت الآية على اجتماع عقدين هما الإجارة والزواج ، وقد أجازه ابن العربي المالكي على الصحيح ؛ لأن الآية تدل عليه ، وقد قال مالك : النكاح أشبه شيء بالبيوع ، فأي فرق بين إجارة وبيع ، أو بين بيع ونكاح (١). ومنعه ابن القاسم في المشهور ، وقال : لا يجوز ويفسخ قبل الدخول وبعده ؛ لاختلاف مقاصدهما ، كسائر العقود المتباينة.
١٤ ـ يدل قوله تعالى : (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ) على جواز ذكر الخدمة مطلقا ، دون بيان نوع العمل ، مع بيان الأجل فقط ، وقد أجازه مالك وقال : إنه جائز ويحمل على العرف. فلم يكن لصالح مدين إلا رعي الغنم. وقال أبو حنيفة والشافعي : لا يجوز حتى يسمى نوع العمل ؛ لأنه مجهول.
١٥ ـ أجمع العلماء على جواز استئجار الراعي شهورا معلومة ، بأجرة
__________________
(١) أحكام القرآن ٣ / ١٤٦٤.