ثم أبان تعالى فائدة ضرب الأمثال ، فقال :
(وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ ، وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) أي هذا المثل وأشباهه في القرآن الكريم ، يضربها للناس تقريبا لأفهامهم ، وتوضيحا لما التبس عليهم ، وما يفهمها ويدركها ويتدبر حقيقتها إلا العلماء الأثبات ، المتضلعون في العلم ، المتأملون في القضايا والمسائل.
روى جابر أن النبي صلىاللهعليهوسلم تلا هذه الآية ، فقال : «العالم من عقل عن الله تعالى ، فعمل بطاعته ، واجتنب سخطه».
فقه الحياة أو الأحكام :
تدل الآيات على ما يأتي :
١ ـ إن عبادة الأصنام والأوثان فارغة المحتوى ، لا مضمون فيها ، ولا هدف لها ، وما مثلها في عدم النفع إلا كمثل بيت العنكبوت. قال الفراء : هذا مثل ضربه الله سبحانه لمن اتخذ من دونه آلهة لا تنفعه ولا تضره ، كما أن بيت العنكبوت لا يقيها حرا ولا بردا.
٢ ـ شبّه الله تعالى حال عبدة الأوثان بحال العنكبوت التي تتخذ أضعف البيوت ، ولو علموا أن عبادة الأوثان كاتخاذ بيت العنكبوت التي لا تغني عنهم شيئا ، وأن هذا مثلهم أو صفتهم ، لما عبدوها ؛ لا أنهم يعلمون أن بيت العنكبوت ضعيف. أما قتل العنكبوت فروي عن سيدنا علي جوازه قائلا : إن تركه في البيوت يورث الفقر. وهذا صحيح لأن العناكب من الحشرات السامة.
٣ ـ إن الله يعلم ضعف كل ما يعبدون من دونه من ملائكة وكواكب وأصنام وجن وإنس ، فرثى لحالهم ، وعجب من صنعهم ، فنبههم على سطحية تفكيرهم ، وسوء اعتقادهم ، وأن جميع تلك المعبودات مثل بيت العنكبوت ؛ لأن كل ما عدا