(وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ) أي وليختبرن الناس بالسراء والضراء ، ليتميز المؤمنون من المنافقين ، فيعرف من يطيع الله في كل حال ، ومن يعصيه وقت الشدة ، كما قال تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ، وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) [محمد ٤٧ / ٣١] وقال سبحانه بعد وقعة أحد التي كانت محك اختبار وامتحان : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ ، حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) [آل عمران ٣ / ١٧٩].
ويلاحظ أنه تعالى حكم هنا على ما في القلب ، فيعلم إيمان المؤمن وهو التصديق ، ونفاق المنافق وهو صدقه في قوله باللسان : الله واحد ، وأما فيما سبق فقال : (وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) ليميز بين المؤمن القائل بأن الله واحد ، وبين الكافر الكاذب في قوله : الله أكثر من واحد ، فكان هناك قسمان : صادق وكاذب. وهنا قسم واحد وهو صادق.
الموضوع الثالث :
محاولات فتنة المسلمين عن دينهم : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا : اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) أي وقال كفار قريش لمن آمن منهم واتبع الهدى بعد بيان أحوال الناس الثلاثة : المؤمن والكافر والمنافق : ارجعوا عن دينكم إلى ديننا واتبعوا سبيلنا ، وأما آثامكم إن كانت لكم آثام ووجد حساب فعلينا وفي رقابنا ، كما يقول القائل الجاهل : افعل هذا وخطيئتك في رقبتي. وهذه محاولة فتنة وإغراء للمسلمين على ترك دينهم بالرفق واللين. وقوله: (وَلْنَحْمِلْ) صيغة أمر من الشخص لنفسه ، ولكن يراد بها الخبر ، والمعنى شرط وجزاء ، أي إن اتبعتمونا حملنا خطاياكم ، كما يقول الواحد : ليكن منك العطاء وليكن مني الدعاء ، فليس هو في الحقيقة أمر طلب.
فرد الله عليهم تكذيبا لهم :