ويبصره يحسن العمل ويتقنه ، وإذا علم أن نفعه له ، ومقدّر بقدر عمله ، يكثر منه.
١٠ ـ الجزاء على العمل بحكم الوعد لا بالاستحقاق. وتدل الآية المتقدمة على أن رعاية الأصلح لا يجب على الله ؛ لأنه ليس هناك سلطان أعلى من الله يوجب شيئا عليه ، والعبد أدنى منه ، وتدل أيضا على أن الله تعالى ليس في مكان معين ، وليس على العرش على الخصوص ، لأن العرش من مخلوقات الله ، والله غني عنهم.
١١ ـ في هذه الآية أيضا بشارة وإنذار ، أما الإنذار فلأن الله إذا كان غنيا عن العالمين ، فلو أهلك عباده فلا شيء عليه لغناه عنهم ، وهذا يوجب الخوف العظيم ، وأما البشارة فلأنه إذا كان غنيا ، فلو أعطى جميع ما خلقه لعبد من عباده ، لا شيء عليه ؛ لاستغنائه عنه ، وهذا يوجب الرجاء التام.
١٢ ـ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) يدل على أن الأعمال مغايرة للإيمان ؛ لأن العطف يفيد التغاير بين المعطوف والمعطوف عليه.
والإيمان : التصديق بالله ورسله وملائكته وكتبه واليوم الآخر ، وبالقضاء والقدر خيره وشره. والعمل الصالح : كل ما أمر الله به ، فيصير صالحا بأمره ، ولو نهى عنه لما كان صالحا ، ولا بقاء للعمل الصالح إلا إذا كان لوجه الله الباقي حتى يبقى ، وما لا يكون لوجهه لا يبقى ، لا بنفسه لأنه عرض زائل ، ولا بالعامل ؛ لأنه ميت هالك ، ولا بالمعمول له ؛ لأن غير الله فان ، فالعمل الصالح : هو الذي أتى به المكلف مخلصا لله.
والنية : شرط في الصالحات من الأعمال ، وهي قصد الإيقاع لله. والعمل الصالح : لا يرتفع إلا بالكلم الطيب وهو الإيمان ، فالعمل من غير المؤمن لا يقبل.