ينبغي ، وإذا سألوا عن وقت مجيء القيامة فليس الأمر كذلك ، فهم في شك منها (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها) أي فهم في الحقيقة في شك وحيرة عظيمة من حصول القيامة ، كمن تحير في أمر لا يجد عليه دليلا (بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) لا يدركون دلائلها لاختلال بصيرتهم ، وهو جمع عم : وهو أعمى القلب والبصيرة ، وهو أبلغ مما قبله.
المناسبة :
بعد أن بيّن الله تعالى أنه المختص بالقدرة التامة الفائقة العامة ، أتبعه بما هو أيضا من لوازم الألوهية وهو أنه المختص بعلم الغيب ، فثبت أنه هو الإله المعبود ؛ لأن الإله هو المتمكن من المجازاة لأهل الثواب والعقاب.
التفسير والبيان :
(قُلْ : لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) أي قل أيها الرسول لجميع الخلق : لا يعلم أحد من أهل السموات والأرض الغيب إلا الله. فقوله : (إِلَّا اللهُ) استثناء منقطع ، أي لا يعلم أحد ذلك إلا الله عزوجل ، فإنه المنفرد بذلك وحده لا شريك له ، كما قال : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) [الأنعام ٦ / ٥٩] وقال : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [لقمان ٣١ / ٣٤].
روى مسلم وابن أبي حاتم عن عائشة رضياللهعنها قالت : من زعم أن النبي صلىاللهعليهوسلم يعلم ما يكون في غد ، فقد أعظم الفرية على الله ؛ لأن الله يقول : (قُلْ : لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ).
ولما نفى عنهم علم الغيب على العموم ، نفى عنهم علم الغيب المخصوص بوقت الساعة فصار منتفيا مرتين ، فقال :
(وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) أي وما يدري أهل السموات والأرض بوقت