٤ ـ (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي واحذر أن تكون مع الذين أشركوا بربهم ، فجعلوا له شريكا وندا ، فتكون من الهالكين ، لأن من رضي بطريقتهم كان منهم.
وهذا النهي عن مظاهرة المشركين ونحو ذلك من باب إلهاب الحماس ، وتهييج العاطفة ، وإثارة الغيرة على استقلال دين التوحيد وعبادة الله.
ثم فسر ذلك بقوله :
٥ ـ (وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي ولا تعيد مع الله إلها آخر ، ولا تدع في أي عمل من الأعمال إلها غير الله ؛ لأنه لا تليق العبادة إلا له ، ولا جدوى في الدعاء لغيره ، ولا تنبغي الألوهية إلا لعظمته ، ولا معبود يستحق العبادة سواه ، كما قال : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) [المزمّل ٧٣ / ٩] أي فاتخذه وكيلا في أمورك ، وهو نعم الوكيل.
وهذا وإن كان واجبا على الكل ، إلا أنه تعالى خاطبه به خصوصا لأجل التعظيم.
ثم بيّن الله تعالى صفات الألوهية التي تفرد بها فقال :
أولا ـ (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) أي كل من في الوجود فان إلا ذات الله المقدسة ، فهو الدائم الباقي ، الحي القيوم ، الذي يميت الخلائق ولا يموت ، كما قال سبحانه : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ، وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) [الرحمن ٥٥ / ٢٦ ـ ٢٧]. وقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضياللهعنه قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أصدق كلمة قالها الشاعر لبيد :
ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل»