وستعلمون لمن تكون له عاقبة الدار ، ولمن تكون العاقبة والنصرة في الدنيا والآخرة ، فينصر المؤمن ، ويخذل الكافر.
ثم قال تعالى مذكرا نبيه نعمته العظيمة عليه وعلى الناس إذ أرسله إليهم :
(وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) أي وما كنت أيها النبي تظن قبل إنزال الوحي إليك أن الوحي ينزل إليك ، وأن القرآن ينزل على قلبك ، فتعلم به أخبار الماضين ، وتعرف منه دستور الحياة ، وتشريع المجتمع الذي فيه سعادتهم ونجاتهم ، ولكن إنما أنزل ربك الوحي عليك وألقى عليك الكتاب ، رحمة منه بك وبالعباد بسببك.
وبناء عليه كلفه ربه بأمور خمسة هي :
١ ـ (فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ) أي فلا تكن معينا للكفار بأي حال ، ولكن فارقهم وخالفهم ، وكن عونا للمسلمين ، والله مؤيدك وحافظك.
٢ ـ (وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ) أي ولا تلتفت إلى هؤلاء المشركين ، ولا تتأثر بهم ولا لمخالفتهم لك ، ولا تركن إلى قولهم ، فيصدّوك عن اتباع آيات الله المنزلة إليك ، وتبليغها للناس ، فإن الله معك ، ومؤيد دينك ، ومظهر ما أرسلك به على سائر الأديان ، كما قال تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ، فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ، وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة ٥ / ٦٧].
٣ ـ (وَادْعُ إِلى رَبِّكَ) أي وادع إلى عبادة ربك وحده لا شريك له ، وبلّغ دينه ، وأعلن رسالته دون تردد ولا خوف ولا تمهل. وهذا أمر بالصدع أو الجهر بالدعوة ، وفيه تشدد بدعوة الكفار والمشركين ، ولكن في مظلة الأمن والسلام ، والمهادنة والموادعة.