جاء في الحديث المرفوع عن ابن مسعود : «إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم أرزاقكم ، وإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب ، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب».
(لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا ، وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) أي لو لا لطف الله بنا ، وإحسانه إلينا ، لخسف بنا الأرض ، كما خسف بقارون ؛ لأنا وددنا أن نكون مثله ، وألم تر أن الله لا يحقق الفوز والنجاح للكافرين به ، المكذبين رسله ، المنكرين ثواب الله وعقابه في الآخرة ، مثل قارون.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يلي :
١ ـ لقد استبد البغي والغرور والبطر والكبر بقارون ، فتعالى على قومه بني إسرائيل ، وأراد إظهار أبهته وعظمته أمامهم ، فخرج عليهم في يوم عيد في موكب مهيب مزدان بمتاع الحياة الدنيا من الثياب والتجمل والدواب.
٢ ـ انقسم الناس في شأن قارون بعد هذا الاستعراض فريقين : فريق ينبهر بسطحيات الأمور ، فأعجب بهذا المظهر ، وتمنى أن يكون مثل قارون في الثروة والمال والعزة والجاه ، وهؤلاء هم الماديون في كل زمان.
وفريق نور الله بصيرته ، ولم يغتر بمظاهر الدنيا وزخارفها ، وإنما نظر إلى الحقائق ، وأدرك أن الدنيا فانية ، وأن السعادة بالفوز في الآخرة ، وهؤلاء هم العلماء المؤمنون العارفون بمصير العالم والإنسان وهم أحبار بني إسرائيل ، فقالوا لأصحابهم الفريق الأول : ويلكم (كلمة زجر) ثواب الله أي الجنة ونعيمها خير من مال قارون وجاهه ، وهي لمن آمن وعمل الأعمال الصالحة ، ولا يؤتى الجنة في الآخرة إلا الصابرون على طاعة الله. ويلاحظ أن الضمير في قوله : (وَلا يُلَقَّاها) يراد به الجنة ؛ لأنها المعنية بقوله تعالى : (ثَوابُ اللهِ).