المال الجزيل ، والنعمة الطائلة ، في طاعة ربك ، والتقرب إليه بأنواع القربات التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة ، فإن الدنيا مزرعة الآخرة.
٣ ـ (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) أي لا تترك حظك من لذات الدنيا التي أباحها الله من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والزواج ، فإن لربك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ، ولزورك (زوارك) عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه. وهذه هي وسطية الإسلام في الحياة ، قال ابن عمر : «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا».
٤ ـ (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) أي وأحسن إلى خلقه كما أحسن الرب إليك ، وهذا أمر بالإحسان مطلقا بعد الأمر بالإحسان بالمال ، ويدخل فيه الإعانة بالمال والجاه ، وطلاقة الوجه ، وحسن اللقاء ، وحسن السمعة ، أي أنه جمع بين الإحسان المادي ، والإحسان الأدبي أو الخلقي.
٥ ـ (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ ، إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) أي ولا تقصد الإفساد في الأرض بالظلم والبغي والإساءة إلى الناس ، فإن الله يعاقب المفسدين ، ويمنعهم رحمته وعونه وودّه.
ولكن قارون أبى النصح فقال :
(قالَ : إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي) أي قال قارون لقومه حين نصحوه وأرشدوه إلى الخير : أنا لا أحتاج لما تقولون ، فإن الله تعالى إنما أعطاني هذا المال ، لعلمه بأني أستحقه ، ولمعرفتي وخبرتي بكيفية جمعه ، فأنا له أهل ، كما قال تعالى : (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ، ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا ، قالَ : إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) [الزمر ٣٩ / ٤٩] أي على علم من الله بي ، وقال سبحانه : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ ، لَيَقُولَنَّ : هذا لِي) [فصلت ٤١ / ٥٠] أي هذا أستحقه.