هؤلاء المشركين ، فيقول لهم : أين الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدنيا من الملائكة والجن والكواكب والأصنام والأنداد والأشخاص ، وتزعمون أنهم شركائي ، هل يشفعون لكم ، وهل ينصرونكم أو ينتصرون؟ والمقصود من السؤال الإهانة والتحقير ، والتقريع والتنديد ، فلا جواب لديهم ؛ لأنهم عرفوا يوم القيامة بطلان ما كانوا عليه ، وأدركوا صحة التوحيد والنبوة بالضرورة.
ونظير الآية : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ ، وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ ، لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ، وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) [الأنعام ٦ / ٩٤].
ثم ذكر جواب أئمة الضلال ودعاة الكفر ، فقال :
(قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ : رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا ، تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) أي قال رؤساء الضلال والدعاة إلى الكفر الذين ثبت عليهم مقتضى القول وتحقق فيهم مؤداه ولزمهم الوعيد ، بقوله تعالى : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [السجدة ٣٢ / ١٣] : ربنا هؤلاء الأتباع الذين آثروا الكفر على الإيمان كان غيهم باختيارهم ، كما أن غينا باختيارنا ، فإن إغواءنا وإضلالنا لهم ما ألجأهم إلى الغواية والضلال قسرا وإكراها ، بل كانوا مختارين حين أقدموا على تلك العقائد والأعمال. والمراد أن تبعة غيهم عليهم لا علينا.
ونحن نتبرأ إليك منهم ، ومن عقائدهم وأعمالهم ، ومما اختاروه من الكفر والعصيان ، وهم في الحقيقة ما كانوا يعبدوننا ، وإنما كانوا يعبدون أهواءهم ، ويطيعون شياطينهم ، فالمعبودون شهدوا أنهم أغووا الأتباع فاتبعوهم ، ثم تبرؤوا من عبادتهم.
وذلك كما قال تعالى في آية أخرى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ