بهذه المعجزات التي طلبناها منك ، كما أتى بها موسى وغيره من الأنبياء ، فعندئذ أبان الله تعالى أنه ناصره بقوله : (وَإِذْ قُلْنا لَكَ : إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ).
ثم أردف ذلك بأن ليلة الإسراء كانت فتنة للناس وامتحانا لإيمانهم ، كما أن شجرة الزّقوم في نار جهنم فتنة وامتحان أيضا.
التفسير والبيان :
قل أيّها الرّسول لهؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله : ادعوا الذين زعمتم أنهم آلهة من دون الله ، وهي الأصنام والأنداد ، هل يجيبونكم ، وارغبوا إليهم حين وقوع الضّرّ بكم من فقر ومرض وقحط وعذاب ونحوها ، وانتظروا هل يستطيعون كشف الضّرّ عنكم أو تحويله أو تبديله من مكان أو من واحد إلى آخر؟ إنهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرّا ، فلا يقدرون على ذلك لغيرهم.
وإنما الذي يقدر عليه هو الله وحده لا شريك له ، الذي له الخلق والأمر. قال ابن عباس: كان أهل الشّرك يقولون : نعبد الملائكة والمسيح وعزيرا ، وهم الذين يدعون ، يعني الملائكة والمسيح وعزيرا.
(أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) هؤلاء الذين عبدتموهم من دون الله كعزير والمسيح يدعون ربّهم ، يقصدون ويطلبون التّوسل إليه والتّقرّب منه بالطاعات والقربات ، ويخصونه بالعبادات ، والوسيلة : هي القربة.
(أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ) أي ويطلب من هو أقرب منهم الوسيلة إلى الله تعالى ، فكيف بغير الأقرب؟ أو أن معنى يبتغون الوسيلة : يحرصون أيهم يكون أقرب إلى الله تعالى ، وذلك بالطاعة وازدياد الخير