والوجوه ، وتمزيق الثياب. عن النبي صلىاللهعليهوسلم «أنه بكى على ولد بعض بناته ، وهو يجود بنفسه ، فقيل : يا رسول الله ، تبكي وقد نهيتنا عن البكاء؟ فقال : ما نهيتكم عن البكاء ، وإنما نهيتكم عن صوتين أحمقين : صوت عند الفرح ، وصوت عند الترح».
وقال الحسن البصري حينما بكى على ولد أو غيره : «ما رأيت الله جعل الحزن عارا على يعقوب».
وعند ما شاهد أولاد يعقوب ما حدث لأبيهم ، رقوا له ، وقالوا له على سبيل الرفق به والشفقة عليه : والله لا تزال تذكر يوسف ، حتى تصير مريضا ضعيف القوة ، أو تموت ، أي إن استمر بك هذا الحال ، خشينا عليك الهلاك والتلف.
فأجابهم عما قالوا : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) أي لا أشكو إلى أحد منكم ومن غيركم حزني ، إنما أشكو همّي الشديد وأسفي وما أنا فيه إلى الله وحده داعيا له وملتجئا إليه ، فخلوني وشكايتي ، وأعلم من الله ما لا تعلمون ، أي أرجو منه كل خير ، لأني أعلم من صنعه وإحسانه ورحمته وحسن ظني به أن يأتيني بالفرج من حيث لا أحتسب. روي أنه رأى ملك الموت في منامه ، فسأله ، هل قبضت روح يوسف؟ فقال : لا والله ، هو حيّ فأطلبه. وقال ابن عباس في قوله تعالى : (وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ..) يعني رؤيا يوسف أنها صدق ، وأن الله لا بد أن يظهرها.
(يا بَنِيَّ ، اذْهَبُوا ..) يا أولادي اذهبوا إلى مصر ، وتعرفوا أخبار يوسف وأخيه بنيامين. والتحسس يكون في الخير ، والتجسس يكون في الشر ، فهو قد ندبهم على الذهاب إلى مصر للتعرف على أخبار إخوتهم ، وأمرهم ألا ييأسوا من روح الله أي من فرجه وتنفيسه الكرب ، ولا يقطعوا رجاءهم وأملهم من الله فيما يقصدونه ، فإنه لا يقطع الرجاء ، ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون أي