شياطينهم. (فِي الْأَصْفادِ) في القيود أو الأغلال ، جمع صفد. (سَرابِيلُهُمْ) قمصهم ، جمع سربال وهو القميص. (مِنْ قَطِرانٍ) لأنه أبلغ لاشتعال النار ، والقطران : أسود منتن ، تشتعل فيه النار بسرعة ، يطلى به جلود أهل النار ، حتى يكون طلاؤه لهم كالقمص ، ليجتمع عليهم لذع القطران ، ووحشة لونه ، ونتن ريحه ، مع إسراع النار في جلودهم. والقطران : دهن يتحلب من شجر العرعر والتوت ، كالزفت ، تدهن به الإبل حال الجرب ، ويقال له : الهناء ، تهنأ به الإبل الجربي ، أي تطلي. (وَتَغْشى) تعلو وتحيط بها.
(لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ) متعلق بقوله : (وَبَرَزُوا) ، فتجازى كل نفس مجرمة أو مطيعة بما فعلت في الدنيا من خير أو شر. (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) يحاسب جميع الخلق ، في قدر نصف نهار من أيام الدنيا ، لحديث ورد بذلك. (هذا) القرآن. (بَلاغٌ لِلنَّاسِ) أي أنزل لتبليغهم ، وهو كفاية في العظة والتذكير. (وَلِيَعْلَمُوا) بما فيه من الحجج. (أَنَّما هُوَ) أن الله إله واحد. (وَلِيَذَّكَّرَ) وليتعظ. (أُولُوا الْأَلْبابِ) أصحاب العقول.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى دلائل التوحيد ، وبعد أن حكى عن إبراهيم أنه طلب من الله أن يصونه من الشرك وأن يوفقه لصالح الأعمال ، وأن يخصه بالرحمة والمغفرة يوم القيامة ، ذكر ما يدل على وجود يوم القيامة بقوله : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) وما يدل على صفة يوم القيامة بقوله : (تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ ..) إلخ.
التفسير والبيان :
ولا تحسبن يا محمد أن الله إذا أنظر الناس وأخر عنهم العذاب إلى يوم القيامة ، أنه غافل عنهم ، مهمل لهم ، لا يعاقبهم على صنعهم ، بل هو يحصي ذلك عليهم ، ويعده عليهم عدا. والمقصود من الآية إثبات وجود يوم القيامة بطريق التنبيه على أنه تعالى سينتقم للمظلوم من الظالم.
وهو وإن كان خطابا للنبي صلىاللهعليهوسلم صورة ، فالمراد به أمته ، بأسلوب «إياك أعني واسمعي يا جارة». وفيه تسلية للمؤمنين ، وتهديد للظالمين بأن الله يحصي