بيضرب (الْحُسْنى) الجنة (وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ) وهم الكفار (لَافْتَدَوْا بِهِ) من العذاب (أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ) المؤاخذ بكل ما عملوه ، لا يغفر منه شيء ، أو المناقشة في الحساب ، بأن يحاسب الإنسان بذنبه ، لا يغفر منه شيء (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ) مرجعهم النار (وَبِئْسَ الْمِهادُ) المستقر والفراش هي ، والمخصوص بالذم محذوف.
(أَفَمَنْ يَعْلَمُ ..) الهمزة للإنكار ، أي فيؤمن ويستجيب كالحمزة (كَمَنْ هُوَ أَعْمى) عمى القلب لا يؤمن بالنبي صلىاللهعليهوسلم كأبي جهل ، والمراد لا يستويان ، ولا يتشابهان (يَتَذَكَّرُ) يتعظ (أُولُوا الْأَلْبابِ) أصحاب العقول.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى وجود دعوتين : دعوة الحق ، ودعوة الباطل ، وأن دعوة الله هي دعوة الحق ودعوة ما يعبدون من دونه هي دعوة الباطل ، ولما شبه تعالى المؤمن والكافر والإيمان والكفر ، بالبصير والأعمى ، والنور والظلمات ، ذكر مثلا آخر للإيمان والكفر ، وأبان مثلا للحق وأهله ، والباطل وحزبه ، فجعل مثل الحق وأهله في ثباته وبقائه بالماء النازل من السماء فينفع الأرض والناس ، وبالمعدن الذي ينتفعون به في صوغ الحلي منه ، واتخاذ الأواني والآلات المختلفة ، وجعل مثل الباطل في اضمحلاله وفنائه وسرعة زواله وانعدام منفعته بزبد السيل الذي يرمي به ، وزبد المعدن الذي يطفو فوقه إذا أذيب.
التفسير والبيان :
اشتملت الآية الأولى على مثلين للحق وهو القرآن أو الإيمان في ثباته وبقائه ونفعه ، والباطل وهو الكفر في اضمحلاله وفنائه ، فقال تعالى : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ..).
أي أنزل الله تعالى من السحاب مطرا ، فأخذ كل واد بحسبه صغرا وكبرا ، وهو إشارة إلى القلوب وتفاوتها في استيعاب الإيمان سعة وضيقا ، فحمل السيل