والواقع أن الله
هو الهادي والمضل ، وإرادة الله يصح تعلقها بالإغواء ، والمعنى أن الله يبين للناس
طريق الهداية وطريق الضلال ، ويختار الإنسان ما يشاء مع إرادة الله.
وكلام نوح عليهالسلام دليل على أنه تعالى ما أغواهم ، بل فوض الاختيار إليهم من
وجهين:
الأول ـ لو أراد
الله تعالى إغواءهم ، لما بقي في النصح فائدة ، ولما أمر الله نوحا بأن ينصح
الكفار ، وأجمع المسلمون على أن نبينا كغيره من الأنبياء مأمور بدعوة الكفار
ونصيحتهم.
الثاني ـ لو ثبت
الحكم عليهم بأن الله تعالى أغواهم أو خلقهم غاوين ضالين ، لصار هذا عذرا لهم في
عدم إيمانهم ، ولصار عمل نوح غير ذي موضوع ولا هدف ، ولا داعي له ، ولا فائدة منه
؛ لأنه يسهل عليهم الاعتذار بذلك ، والرد عليه بعدم جدوى دعواه.
والخلاصة : إن
مبدأ أهل السنة أن الله تعالى قد يريد الكفر من الإنسان ، ولكن لا يأمره بذلك ،
وإنما يأمره بالإيمان ، وإذا أراد الكفر من العبد فإنه يمتنع صدور الإيمان منه.
٥ ـ كل إنسان
مسئول عن نفسه ، فإن افترى أو اختلق نبي الوحي والرسالة كما يزعم قومه المعادون له
، فعليه عقاب إجرامه ، وإن كان محقا فيما يقول ، وهو الحق الأكيد ، فعليهم عقاب
تكذيبهم وسيئاتهم.