وذلك يدلّ على أن ثمرة العمل في الدّنيا مرتبطة بالكسب وتقدير الله ، وأما جزاء الآخرة فهو محصور بإرادة الله وفضله وإحسانه.
وأولئك الذين لا همّ لهم إلا الدّنيا ، لا حظّ لهم في الآخرة إلا النّار في مقابلة ما عملوا ؛ لأنهم استوفوا في الدّنيا ثمرة العمل الحسن ، وبقي لهم في الآخرة وزر العمل السّيء ، وتبدد أثر عملهم في الدّنيا ، وبطل ثواب عملهم في الآخرة ؛ لأنهم لم يريدوا وجه الله تعالى ، والعمدة في الثواب الأخروي هو الإخلاص لله عزوجل.
ونظير الآية قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ، ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً. وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) [الإسراء ١٧ / ١٨ ـ ١٩] ، وقوله سبحانه : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ، وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها ، وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) [الشورى ٤٢ / ٢٠].
ويؤيّده الحديث المشهور في الصّحيحين عن عمر رضياللهعنه : «إنما الأعمال بالنّيات ، وإنما لكلّ امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه» وقال قتادة : من كانت الدّنيا همّه ونيّته وطلبته ، جازاه الله بحسناته في الدّنيا ، ثم يفضي إلى الآخرة ، وليس له حسنة يعطى بها جزاء. وأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدّنيا ، ويثاب عليها في الآخرة. أي أن للمؤمن على عمله الحسن ثوابين ، ثواب الدّنيا وثواب الآخرة ، وللكافر ثوابا واحدا وهو في الدّنيا فقط.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلّت الآيتان على ما يأتي :