أي يعقوب ، لما علم كذبهم (بَلْ سَوَّلَتْ) زينت (لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) ففعلتموه به (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) لا جزع فيه ، وهو ما لا شكوى فيه إلى الخلق (وَاللهُ الْمُسْتَعانُ) المطلوب منه العون (عَلى ما تَصِفُونَ) تذكرون من أمر يوسف أو من هذه المصيبة وهلاكه.
المناسبة :
الكلام مرتبط بما قبله ، مبين مكيدة إخوة يوسف له ، وخداعهم أباهم ، وإظهارهم أنهم في غاية المحبة ليوسف والشفقة عليه ، وهم يعلمون أن أباهم كان يحب يوسف محبة شديدة ، ويحرص عليه ، ويحب تطييب قلبه ، فأرسله معهم ، وهو غير مقتنع بكلامهم ويخافهم عليه.
التفسير والبيان :
لما تواطأ إخوة يوسف على أخذه وطرحه في البئر ، كما أشار به عليهم أخوهم يهوذ أو روبيل ، جاؤوا أباهم يعقوب عليهالسلام ، فقالوا : ما بالك لا تأتمنا على يوسف ، وتخافنا عليه ، ونحن له ناصحون ، أي نحبه ، ونشفق عليه ، ونريد الخير له ، ونخلص له النصح؟ وهم يريدون خلاف ذلك ، لحسدهم له ، بعد ما علموا من رؤيا يوسف ، وأدركوا حب أبيه له ، لما يتوسم فيه من الخير العظيم وشمائل النبوة.
أرسله معنا ، أي ابعثه معنا في الغد حين نخرج كعادتنا إلى المرعى في الصحراء ، يرتع أي يأكل ما يطيب له من الفاكهة والبقول ، ويلعب أي ويسعى وينشط ويشاركنا في السباق بالسهام ، وإنا له لحافظون من أي أذى ومكروه يصيبه ، ونحفظه من أجلك. فأجابهم يعقوب بقوله : إني ليحزنني ويؤلمني ذهابكم به وفراقه لي على أي نحو ، وأخشى أن تشتغلوا عنه برميكم ورعيكم ، فيأتيه ذئب ، فيأكله وأنتم غافلون عنه لا تحسون به.
وبه يتبين أنه اعتذر إليهم بشيئين : أن فراقه إياه مما يحزنه ، وخوفه عليه