المتحرك من الحب والنوى الذي هو كالجماد الميت ، عن طريق ربط الأسباب بمسبباتها ، ببذر الحب والنوى في التراب ، وإرواء التراب بالماء. وذلك يدل على كمال قدرته ، وبديع حكمته.
فقوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) معناه يخرج الزرع الأخضر والشجر النامي ، من الميت الجامد ، والمراد بالحياة هنا النمو والتغذية ، والميت : هو ما لا نماء فيه ولا يتغذى ، مثل التراب والحب والنوى وغيرهما من البذور ، والبيضة والنطفة. وإذا قيل في العلم الحديث : إن في النطفة والبيضة حياة فيراد بها الحياة النباتية أو الخلوية (حياة الخلية). وأما المقصود هنا فهي الحياة الظاهرية الحركية. وقيل في التفسير العلمي الحديث : المراد بخروج الحيوان من الميت أي تكونه من الغذاء ، فالحي ينمو بأكل أشياء ميتة ، والغذاء ميت لا ينمو.
وقوله تعالى : (وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) معناه مخرج الحب والنوى من النبات ، والبيضة والنطفة من الحيوان. وقيل في التفسير العلمي الحديث : المراد بذلك الإفرازات مثل اللبن : وهو سائل ليس فيه شيء حي ، بخلاف النطفة فإن فيها حيوانات حية ، وهي تخرج من الحيوان الحي ، وهكذا ينمو الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي.
(ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) أي فاعل هذا هو المتصف بكمال القدرة وبالغ الحكمة ، المحيي والمميت ، وهو الله الخالق وحده لا شريك له ، فكيف تصرفون عن الحق وتعدلون عنه إلى الباطل ، فتعبدون معه غيره ، وتشركون به شريكا آخر لا يقدر على شيء من ذلك؟!
والله فالق الإصباح وجعل الليل سكنا أي خالق الضياء والظلام كما قال في أول السورة : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) فهو سبحانه يفلق ظلام الليل عن غرة الصباح ، فيضيء الوجود ، ويستنير الأفق ، ويضمحل الظلام ، ويذهب