والكاف في (كَما) في موضع نصب ؛ لأنها وصف لمصدر محذوف ، تقديره : ولقد جئتمونا منفردين مثل حالكم أول مرة.
(لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) منصوب على الظرف ، تقديره : لقد تقطع ما بينكم ، على أن تكون «ما» نكرة موصوفة ، ويكون (بَيْنَكُمْ) صفته ، فحذف الموصوف ، ولا تكون موصولة على مذهب البصريين ، لأن الاسم الموصول لا يجوز حذفه ، وأجازه الكوفيون.
البلاغة :
(فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) : استعارة حيث شبه ما يعتورهم من كرب الموت وغصصه بالذين تتقاذفهم غمرات الموت ولججه.
المفردات اللغوية :
(وَمَنْ أَظْلَمُ) لا أحد أظلم (افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) اختلق الكذب وحكى عنه ما لم يقله ، بادعاء النبوة مثلا ولم ينبأ ، أو اتخاذ الأنداد والشركاء. (وَمَنْ قالَ : سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) وهم المستهزئون قالوا : لو نشاء لقلنا مثل هذا (وَلَوْ تَرى) يا محمد (فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) سكرات الموت ، جمع غمرة وهي الشدة. (وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) إليهم بالضرب والتعذيب ، يقولون لهم تعنيفا : (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) إلينا لنقبضها (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ) المراد به هنا : يوم القيامة الذي يبعث فيه الناس للحساب والجزاء. وأصل اليوم : الزمن المحدود المعروف (٢٤ ساعة) (عَذابَ الْهُونِ) الهوان وهو الذل ، ومنه قوله تعالى: (أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ) [النحل ١٦ / ٥٩] والهون بالفتح : اللين والرفق ، ومنه قوله تعالى : (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) [الفرقان ٢٥ / ٦٣]. (تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِ) بادعاء النبوة والإيحاء كذبا (تَسْتَكْبِرُونَ) تتكبرون عن الإيمان بها. وجواب (وَلَوْ تَرى) : لرأيت أمرا فظيعا.
(فُرادى) جمع فرد ، أي منفردين عن الأهل والمال والولد (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي حفاة عراة غرلا (خَوَّلْناكُمْ) أعطيناكم ومنحناكم من الأموال ، والخول : الخدم والحشم. وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم : يراد به عدم الانتفاع بالشيء ، وتركه في الدنيا بغير اختياركم (ما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ) أي الأصنام ، يقال لهم ذلك توبيخا (الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ) أي استحقاق عبادتكم (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) بالضم أي وصلكم ، أي تشتت جمعكم ، وفي قراءة النصب : ظرف ، أي وصلكم بينكم. والبين : الصلة ، والمسافة بين شيئين أو أشياء ، ويضاف إلى المثنى مثل : (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) [الحجرات ٤٩ / ١٠] وإلى الجمع مثل : (أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) [النساء ٤ / ١١٤] ولا يضاف إلى المفرد إلا إذا كرر نحو : (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) [الكهف ١٨ / ٧٨].