في قوله تعالى : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ، إِذْ قالَ لِبَنِيهِ : ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي؟ قالُوا : نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ : إِبْراهِيمَ ، وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ ، إِلهاً واحِداً ، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة ٢ / ١٣٣] فإسماعيل عمه دخل في آبائه تغليبا ، وكما قال : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ) [الحجر ١٥ / ٣٠ ، ص ٣٨ / ٧٣] فدخل إبليس في أمر الملائكة بالسجود وذم على المخالفة ؛ لأنه كان متشبها بهم ، فعومل معاملتهم ، ودخل معهم تغليبا ، وإلا فهو كان من الجن ، وطبيعته من النار ، والملائكة من النور.
وفي ذكر عيسى عليهالسلام في ذرية إبراهيم ، أو نوح على القول الآخر دلالة على دخول ولد البنات في ذرية الرجل ؛ لأن عيسى عليهالسلام إنما ينسب إلى إبراهيم عليهالسلام من طريق أمه «مريم» فإنه لا أب له. ومثل ذلك دخول الحسن والحسين رضياللهعنهما في ذرية النّبي صلىاللهعليهوسلم وهما أولاد فاطمة رضياللهعنها ؛ لما ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال للحسن بن علي : «إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» فسماه ابنا ، فدل على دخوله في الأبناء.
ويلاحظ أن الله تعالى ذكر أولا أربعة من الأنبياء وهم : نوح ، وإبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، ثم ذكر من ذريتهم أربعة عشر من الأنبياء : داود ، وسليمان ، وأيوب ، ويوسف ، وموسى ، وهارون ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى ، وإلياس ، وإسماعيل ، واليسع ، ويونس ، ولوطا ، والمجموع ثمانية عشر. والترتيب بينهم غير معتبر ؛ لأن حرف الواو لا يوجب الترتيب.
وحكمة جعل الأنبياء في الآية ثلاثة أقسام هي ما يأتي :
١ ـ داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون : وهؤلاء جمعوا بين النبوة والرسالة وبين الملك والإمارة والحكم ، فداود وسليمان كانا ملكين ، وأيوب