ثوبان قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله زوي (١) لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها ، وأعطيت الكنزين : الأحمر والأبيض ، وإني سألت ربي لأمتي ألا يهلكها بسنة عامة (٢) ، وألا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم (٣) ، وإن ربي قال : يا محمد ، إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ، وإني أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة ، وألا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ، فيستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها ، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ، ويسبي بعضهم بعضا».
وقد تحقق خبر النّبي صلىاللهعليهوسلم في اتساع أرجاء البلاد الإسلامية إلى المشارق والمغارب ، وفي وقوع بأسهم بينهم بالتفرق والاقتتال. أما تسلط عدوهم عليهم فمرهون بوحدتهم واجتماع كلمتهم ، وما حدث من زوال ملكهم عن بعض البلاد كالأندلس وفلسطين فكان بسبب تفرقهم وتشتت وحدتهم وتمزق صفوفهم وتفرق جمعهم ، بدليل ما روى أبو داود والبيهقي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يوشك أن تداعى عليكم الأمم ، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : من قلة نحن يومئذ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، وسينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفنّ الله في قلوبكم الوهن. قال قائل : يا رسول الله ، وما الوهن؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت».
ثم أمر الله تعالى بالنظر في الدلائل والبينات ، فقال : (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) أي انظر أيها الرسول كيف نبين ونوضح الدلائل بوجوه مختلفة ، إما بطريقة الحس ، وإما بطريقة العقل ، وإما بالإخبار بالغيب ، لعلهم يفهمون
__________________
(١) زوي : جمع.
(٢) السنة العامة : البلاء العام كالجماعة والقحط والغرق والصيحة والرجفة والريح العاتية.
(٣) البيضة : العزة ومستقر الملك أو كيان البلاد واستقلالها.