وقال أبو حنيفة وزفر والنخعي : لا يحجر على الحر البالغ إذا بلغ مبلغ الرجال ، ولو كان أفسق الناس وأشدهم تبذيرا إذا كان عاقلا ، واحتجوا بحديث أنس أن حبّان بن منقذ كان يبتاع وفي عقدته (١) ضعف ، فقيل : يا رسول الله ، احجر عليه : فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف ، فاستدعاه النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : لا تبع ، فقال : لا أصبر ، فقال له : «فإذا بايعت فقل : لا خلابة (٢) ، ولك الخيار ثلاثا» فلم يحجر عليه مع أنه كان يغبن ، فثبت أن الحجر لا يجوز.
ورد القرطبي بقوله : وهذا لا حجة لهم فيه ؛ لأنه مخصوص بذلك ، فغيره بخلافه.
وقال الشافعي : إن كان مفسدا لماله ودينه ، أو كان مفسدا لماله دون دينه حجر عليه ، والأظهر أنه إن كان مفسدا لدينه ، مصلحا لماله ، حجر عليه أيضا.
٤ ـ إن دفع المال للمحجور عليهم يكون بشرطين : إيناس الرشد والبلوغ ، فإن وجد أحدهما دون الآخر لم يجز تسليم المال إليهم ، بنص الآية ، وهو قول جماعة الفقهاء إلا أبا حنيفة وزفر والنخعي ، فإنهم أسقطوا إيناس الرشد ببلوغ خمس وعشرين سنة ، قال أبو حنيفة: لكونه جدا.
ورد ابن العربي (٣) بقوله : هذا ضعيف ؛ لأنه إذا كان جدا ، ولم يكن ذا جدّ (٤) ، فما ذا ينفعه جدّ النسب ، وجدّ البخت فائت؟!
واختلف العلماء في دفع المال إلى المحجور عليه ، هل يحتاج إلى السلطان أم لا؟ فقالت فرقة : لا بد من رفعه إلى السلطان ، ويثبت عنده رشده ثم يدفع
__________________
(١) أي في رأيه ونظره في مصالح نفسه.
(٢) أي لا خديعة.
(٣) أحكام القرآن : ١ / ٣٢٢
(٤) الجد هنا الحظ والبخت.