وقد كتب الله العزة لرسوله وللمؤمنين : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون ٦٣ / ٨] وجرت سنته في تولي الصالحين وخذلان الكافرين : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ ، وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها. ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ، وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) [محمد ٤٧ / ١٠ ـ ١١].
ومن مظاهر مناصرته وعونه تعالى للمؤمنين إلقاء الرعب في قلوب الكافرين بسبب إشراكهم بالله ، واتخاذهم أصناما وحجارة ومعبودات تعبد من دون الله ، لم يقم برهان ولا حجة من عقل أو حس على صحة استحقاقها للعبادة ، وكونها واسطة بين الله وخلقه ، وحجتهم الوحيدة في عبادتها تقليدهم آباءهم الذين وجدوهم عابدين لها : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ ، وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [الزخرف ٤٣ / ٢٣] وهم إنما يعتمدون في واقعهم على الأخيلة والأوهام ، والوساوس والهواجس أنها ذات تأثير ، مما يؤدي إلى اضطراب قلوبهم وعقولهم ، وفساد أفكارهم ، وضعف نفوسهم. ومسكنهم في النهاية والآخرة النار بسبب ظلمهم وكفرهم وعنادهم الحق وأهله ، وبئس المثوى والمأوى مثواهم ومأواهم ؛ فإنهم ظالمون لأنفسهم ، وللناس بسوء معاملتهم ، وفقد مقومات الحضارة والمدنية عندهم. وهم إن رأوا المؤمنين متمسكين بدينهم ، ازداد الشك في أنفسهم ، واستمر الخوف والرعب والقلق في نفوسهم.
فقه الحياة أو الأحكام :
العبرة دائما بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فهذه الآيات تحذير دائم للمؤمنين من طاعة الكافرين على مختلف أنواع كفرهم ، لعداوتهم وحقدهم وغشهم وعدم الثقة بنصحهم وأمانتهم.
والمؤمن بقوة إيمانه ، وثقة لقائه ربه ، واعتقاده بسلطان الله وتأييده